انتشار إنفلونزا A: الصورة العالمية، وثغرات البيانات المحلية… وما الذي ينبغي فعله الآن؟



الدكتور عادل محمد الوهادنة

حتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2025، تُجمع منصّات الترصد العالمية على أن فيروسات الإنفلونزا من النمط A هي السائدة عالمياً، مع نشاط متفاوت بين الأقاليم، وبدء ارتفاع موسمي في نصف الكرة الشمالي. تقرير منظمة الصحة العالمية الأسبوعي يذكر بوضوح أن الإنفلونزا A ما تزال الغالبة على الحالات المرصودة عالمياً، مع إشارات لارتفاعٍ في شمال أوروبا وشرقها وأقاليم في إفريقيا وآسيا.  

أوروبا (الـEU/EEA): يقرر المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض (ECDC) في أسبوع 43 (31 تشرين الأول/أكتوبر 2025) أن نقل الإنفلونزا ما يزال منخفضاً لكن المؤشرات بدأت بالارتفاع في بعض البلدان، في سياق بداية موسم الشتاء.  

الولايات المتحدة: تُظهر بيانات المخابر الصحة العامة لموسم 2024–2025 أن 94% من العينات الإيجابية كانت لإنفلونزا A تراكمياً منذ بداية الموسم حتى أسبوع 36؛ والغالبية بين H1N1pdm09 وH3N2. كما سجّل موسم 2024–2025 18,399 وفاة أدرجت الإنفلونزا سبباً أساسياً أو مساهماً فيها (0.7% من مجمل الوفيات)، مع ذروة أسبوعية في منتصف شباط/فبراير 2025؛ ما يعكس عبئاً صحياً كبيراً حتى قبل الدخول في موسم 2025–2026.  

إقليم شرق المتوسط (EMRO): نشر المكتب الإقليمي تقريراً يُظهر، عند بدء موسم 2025–2026 (الأسبوع 37)، أن نسبة إيجابية الإنفلونزا ارتفعت إلى 4.46% على مستوى الإقليم مقارنة بالأسبوع السابق، وأن الإنفلونزا باتت هي الغالبة مقارنة بسارس-كوف-2 في الفترة ذاتها. وفي أسبوع 40 أكّد استمرار المتابعة عبر FluNet/EMFLU في 13 دولة من أصل 22. هذه مؤشرات إقليمية وليست خاصة بكل بلد.  

الأردن: حتى تاريخ اليوم لا تتوافر أرقام حديثة منشورة علناً تُفصِّل نسبة إيجابية الإنفلونزا A أو شدّة الموسم الحالي في الأردن. المنظومة الوطنية تعتمد ترصداً مُمأسساً (ILI/SARI) وتتشارك البيانات مع FluNet، لكن لا توجد نشرات علنية حديثة مخصّصة بالأردن تُمكّن من مقارنةٍ دقيقة بين هذا الموسم والمواسم السابقة. الخلاصة: لا توجد أرقام أردنية حديثة متاحة للنشر العام تُثبت أن إنفلونزا A «أعلى بكثير من المعتاد» هذا الموسم.  


ماذا نفعل الآن؟ الوقاية أولاً

1. اللقاح الموسمي: يبقى حجر الزاوية لخفض شدة المرض، خاصةً أن النمط A هو الغالب عالمياً. توصية قوية بتطعيم كبار السن (≥65 عاماً)، الحوامل، الأطفال ≥6 أشهر، وذوي الأمراض المزمنة والمثبَّطي المناعة، والكوادر الصحية قبل ذروة الشتاء. (تعزيز التوصية يستند إلى سطوة A عالمياً وإشارات ارتفاع مبكر في الأقاليم).  

2. الكمامة والتجمّعات: في الأماكن المغلقة والمزدحمة والتهوية الضعيفة—خاصة أثناء موجات ارتفاع الإنفلونزا وسائر الفيروسات التنفسية—تُقلّل الكمامة الجراحية من الرذاذ الناقل، ومع تحسين التهوية وتقليل زمن البقاء يمكن خفض المخاطر بشكل ملحوظ. يُستحسن اعتماد الكمامة وجوباً لكبار السن، ومرضى القلب والرئة والسكري، وذوي العوز أو الكبت المناعي، وعند زيارة مرافق صحية أو رعاية طويلة الأمد.

3. الفئات ذات الأولوية:

كبار السن: عبء الاستشفاء والوفيات الأعلى يقع في هذه الفئة؛ بيانات الولايات المتحدة للموسم الماضي تُذكّر بحجم المخاطر المضافة في الذروة الشتوية. لذلك نوصي لهم باللقاح فوراً واستخدام الكمامة في الأماكن المغلقة، وتحديث خطط الدواء المنزلي وخيارات مضادات الفيروسات المبكرة (Oseltamivir) عند ظهور الأعراض.  

صغار السن: مع بداية المدارس والروضة تزداد السراية. اللقاح للأطفال ≥6 أشهر، والامتناع عن إرسال الطفل المريض للصف، وتعزيز تهوية الصفوف وغسل اليدين. (المشهد الأوروبي يُظهر بداية ارتفاع مبكر؛ ما يقتضي استعداد المدارس).  

ذوو الأمراض المزمنة/المثبَّطون مناعياً: اللقاح أولوية قصوى، والكمامة في العيادات والمستشفيات، وخطة واضحة لبدء مضاد الفيروسات خلال 48 ساعة من الأعراض، وتقليل التعرّض للتجمّعات المغلقة.


4. ترقية الترصد الوطني المُعلن: توصية بزيادة شفافية نشر المؤشرات الأساسية أسبوعياً (نسبة الإيجابية، النمط/الأنماط، الإشغال السريري) لإرشاد قرارات الصحة العامة والعيادات؛ فغياب الأرقام المنشورة يحدّ من القدرة على مقارنة الموسم الحالي تاريخياً.  

خلاصة عملية: عالمياً، A هو الغالب ويبدأ بالتصاعد الموسمي في الشمال. لا تتوفر حالياً أرقام أردنية منشورة حديثة لإثبات كونه «أعلى بكثير من المعتاد» محلياً، لكن التحوّط الوقائي (اللقاح + الكمامة في المغلقات + تقليل التجمّعات سيئة التهوية) واجبٌ الآن خصوصاً لكبار السن والأطفال ومرضى الأمراض المزمنة والمثبَّطي المناعة.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology